الإنترنت تتضامن مع الفلسطينيين - غسان حزين - الرأي الأردنية -  29-4-2002

 

الإنترنت تتضامن مع الفلسطينيين

 

لم تتخذ الشبكة موقفاُ شبه موحد من قضية عالمية إلا مرتين، المرة الأولى هي الهجمات التي لستهدفت برجي مركز التجارة العالمي في نبوبورك، والمجازرالتي لحقت بالمخيمات الفلسطينية أخيراً.

ورغم أن هذا الموقف "المؤيد" لم يتعد في الحالة الثانية إلا أن يكون نشراً للصور والنصوص والصور المتحركة التي تصف تفاصيل الحدث، إلا أنها اعتبرت "منحازة" !.

ثم إن المواقع العربية المتخصصة بالقضية الفلسطينية برزت بشكل كبير، واستخدمت الصور التي تنشرها كأدلة على جرائم الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين في المخيمات، في الرسائل التي راح مستخدمي الشبكة يتبارون في إرسالها من مجموعة لأخرى. فكل ما قامت به الشبكة أنها وفرت مجالاً خصباً للمستخدمين ليعبروا عن آرائهم (التي كانت سلمية في أغلب الأحيان) وجعلت من دارات النقاش مكاناً "ساخناً" شبكياً. ثم إنها ساهمت بشكل أو بآخر "بحرب" الكترونية يتوعد كل من المستخدمين الفلسطينيين وحلفاءهم، والإسرائيليين وحلفاءهم الآخر. وتنفيذ هذا الوعيد يعني دخول "المخربين" إلى المواقع الاكترونية للجهة المقابلة وتخريب قاعدة بياناتها، أو تدمير كل ما تحتويه إن لزم الأمر.

موقف المواقع العربية

بينما كانت الاستعدادات للحرب واضحة بين المستخدمين العاديين، فإن المواقع العربية لم تجر لمثل هذه المواقف، بل اقتصرت مشاركتها على فتح باب الحوار بين المستخدمين، متخذة موقفاً دبلوماسياً صرفاً.

طبعاً هذا ليس أمر كل المواقع، فالمواقع العربية المتخصصة في القضية، كانت نبعاً دافقاُ من الصور وملفات الفيديو، وعمدت بعض المواقع الأخرى إلى نشر قوائم طويلة للمواقع الفلسطينية على الشبكة حتى يتسنى للمستخدمين الدخول إليها، ونشرها ما أمكن.

أما المواقع الأجنبية التي تصدر باللغة العربية – كالسي ان ان ويديعوت أحرونوت – فإنها إما وقفت موقف المحايد، كالأولى، أو موقف المعادي، كالثانية. فموقع صحيفة يديعوت أحرونوت العربي يقوم فقط بترجمة الصحيفة للغة العربية. أما السي إن إن فإنها حاولت قدر الإمكان الوقوف موقف الحياد تجاه المستخدم العربي، فمن تسنت له الفرصة لمقارنة العناوين فقط بين الموقع الإنجليزي لها والموقع العربي، لعرف مدى الجهد المبذول لجعل النص العربي أكثر ملاءمة لطبيعة المستخدم. أما المواقع الأخرى، غير العربية، فإنها التزمت مبدأ بث ما يصل من وكالات الأنباء، وفقط. فكانت المواقع الإخبارية تنشر صور المذابح على مدى الأربع وعشرين ساعة. فكانت بذلك "منحازة"، ليس لأنها تؤمن بالحق العربي مثلاً، ولكن لأن تلك الصور منحازة بطبيعتها، فهي تصور مذابح يرتكبها الإسرائيليون تجاه الفلسطينيين، وليس العكس.

رسائل التضامن

لاحظ الملايين من مستخدمي الشبكة أن بريده الإلكتروني انحاز هو الآخر للقضية الفلسطينية. فبعض الرسائل قامت بالمقارنة بين طفبين "هزت صورهما العالم". وهذين الطفلين هما محمد الدرة و الطفل الكوبي الذي أثار ضجة بين الولايات المتحدة وكوبا في حينه ، حيث قام مصمم هذه الرسالة بالمقارنة بين ما حدث لكل طفل، وبين ما حدث للعالم تجاه كل هذا. وفي رسائل أخرى، نجد صوراً فوتوغرافية متسلسلة لمدني فلسطيني ظل ينزف حتى استشهد، بينما عدد من الجنود الإسرائيليين ينظرون إليه غير مبالين بما يحدث.

أما الرسالة الأهم فكانت دعوة جابت أرجاء الشبكة العالمية تحث المستخدم للتوقيع ضمن موقع أنشأه مجموعة من المحامين في بلجيكا لإجانة شارون كمجرم حرب لإدانة شارون بارتكاب مجازر ضد المدنيين. وهي ليست المرة الأولى التي تجوب مثل هذه الرسائل الشبكة، فقد سبقتها عدة رسائل، مشابهة، كتلك التي كانت موجهة للرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون تحثه على عدم الاستمرار في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

انحياز الشبكة هذا نحو القضية الفلسطينية لم يثر في النفوس أي شكوك حول "مصداقية" الشبكة، فما حدث كان تصويراً للواقع لا أكثر. فلا تعجب أن تنحاز الشبكة لإسرائبل إن حدثت أي عملية استشهادية، لتشاهد سيلاً من الصور للقتلى الإسرائيليين. فالشبكة ليست منحازة لفئة ضد أخرى، بل منحازة لتصوير ما يحدث على أرض الواقع. ولأن ما يحدث على أرض الواقع جعل من دماء الفلسطينيين "فرجة" فإنه جعلها على الشبكة مادة دسمة للحوار ربما لن تنتهي.

 

  عودة

 

 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسة
تعليم
نصائح
قضايا
برامج
مواقع
طرائف
تواصل
English