ديمقراطية الوجود على الإنترنت - غسان حزين - الرأي الأردنية - 11-1-2003

 

ديمقراطية الوجود على الإنترنت

 

مما لاشك فيه أن الشبكة الدولية للمعلومات ديمقراطية، خصوصا حين لايتعلق الأمر بواحد من اثنين، أولهما الشؤون السياسية التي تحظى باهتمام واتفاق عالميين، مثل المواقع التي تنشأ لمنظمات خارجة عن القانون، كمواقع تنظيم القاعدة، (تعتبر عمليات تعقب هذه المواقع وإقفالها جزءا لا يتجزأ من الحرب الأمريكية على الإرهاب). ثاني هذه الأمور هو المواقع التي تنهك القوانين الدولية في مجال الإنترنت، كمواقع الهاكر الذين يقومون بعمليات التخريب في الفضاء المعلوماتي، أو المواقع التي لا تلتزم باتفاقيات حقوق الملكية الفكرية، كموقع نابستر "الراحل".

وسبب وصف هذه الشبكة العنكبوتية بالديمقراطية ليس وليد صدفة، فالتنوع المعلوماتي الذي تحظى به هذه الشبكة لا يتوفر عبر أي وسيلة إعلامية أخرى، مع إضافة ميزة الترجمة عبر لغات كثيرة، ما يجعل هذه الشبكة عالمية لا تعترف بحدود سياسية أو جغرافية.

الديمقراطي هنا هو إمكانية وجود أي فرد أو جماعة على الإنترنت دون قيود تقريبا، وهذا لا يتوفر أيضا في أي وسيلة إعلامية أخرى، حيث لايستطيع أي فرد امتلاك محطة تلفزيونية أو إذاعية أو صحيفة، في أغلب بلدان العالم، ناهيك عن التكلفة المادية لوجود موقع على شبكة الإنترنت مقابل الحصول على أي وسيلة إعلامية أخرى، حيث قد لاتتكلف شيئا مقابل امتلاك موقع على الإنترنت، مقابل مبالغ ضخمة لإنشاء محطة تلفزيونية أو إذاعية أو حتى صحيفة.

هذه الديمقراطية دفعت بأصوات لم تكن مسموعة من قبل إلى الواجهة ونحو الضوء، ودفعت أيضا بإبداعات ونتاجات ذات قيمة كانت مكبوتة عند فئة غير يسيرة استطاعت التعبير عن نفسها في ظل فضاء معلوماتي ديمقراطي بأيسر الطرق وأقلها تكلفة.

فوجود مواقع تتكلم بلسان حال القضية الفلسطينية أمر لم يكن ممكنا من قبل، وكذلك انتشار آلاف المواقع التي تتحدث عن الإسلام عبر شبكة عالمية توصل الصوت الإسلامي إلى من لم يكن بإمكانه سماع أي شيء عنه، وقس على هذا المنوال. كل هذا لا يعني إلا أن شبكة الإنترنت ديمقراطية، لا أكثر ولا أقل، تنقل الحقائق فقط، قدر الإمكان على حقيقتها.

لكن ديمقراطية الإنترنت تخضع لعدة معايير، يجب تفحصها والتمعن في ثناياها بدقة، وإلا انقلبت هذه الديمقراطية وبالا على الجميع. ففي ظل وجود بلايين الصفحات، من منا سيكترث أو حتى يستطيع متابعتها كلها ؟ بالتأكيد لا أحد. لذلك يوجد شيء اسمه اختيار، يجعل مستخدما في مكان ما من العالم يقرأ ما تكتبه أنت دون غيرك، ما يؤدي لإيصاله رسالتك بصورة حديثة، تعبر عن تقدمك وتفهّمك للتكنولوجيا وكيفية استعمالها، وبتكلفة مادية منخفضة جدا بالنسبة لك وله.

ولكن، هل في تفوق عدد قليل من المواقع على غيرها ديمقراطية؟ الجواب ليس نعم أولا، بل بالتفكر في الكيفية التي استطاعت عبرها هذه المواقع استغلال هذه الديمقراطية والتفوق على ملايين المواقع الأخرى في الفضاء المعلوماتي، ولعل أبرز هذه الطرق هي الدعاية للموقع التي لا تأتي بالإعلان التجاري بل بالسمعة المكتسبة من جمهور المتصفحين، ونوعية الخدمة والمعلومة المقدمة، وكذلك سهولة الاستخدام، وما إلى هنالك من أسباب النجاح الأخرى التي يجب أن تتوفر في أي وسيلة إعلام في العالم.

لأن شبكة الإنترنت ديمقراطية، يجب الاحتراس، لأنه إلى جانب المواقع الناجحة التي تحصي الأموال والشهرة، يوجد ملايين المواقع الفاشلة التي لا تحصي بدورها إلا لخسارة والمرارة، ويجب الاحتراس أيضا لأن استغلال ديمقراطية الإنترنت يتطلب جهودا خارقة قد لا تتوفر عند كثيرين. ويجب الاحتراس لأن ديمقراطية الإنترنت تملك أسنانا قاطعة، تجعل لزاما علينا معرفة الضحية: النجاح أم الفشل.

 

  عودة

 

 

 

 

 

 

الصفحة الرئيسة
تعليم
نصائح
قضايا
برامج
مواقع
طرائف
تواصل
English

المنتدى

 

 

RealTracker